كيف عالج القران ضياع الثروات ؟


 

لقد وضع القرآن الكريم حدودا لحرية الاستهلاك .واكد على ان هناك خطوطا حمراء رسمها لمنع تنامي حالة تبديد ثروة  المجتمع والخروج به عن الحد المعقول، وذلك لضمان سلامة المجتمع وحفظ ثروته والوصول به الى حالة التوازن الاقتصادي بين مختلف طبقاته، وبما ان القرآن لم يسمح للإنسان بأن ينتفع من الثروة بطريقة يتجاوز بها الحدود المعقولة عن طريق الانفاق غير المتزن حتى وإن كانت الثروة التي حصل عليها الانسان ناتجة من جهده الشخصي الذي بذله من أجل الحصول عليها لأن ذلك لا يبرر له الاستهلاك الغير المحدود والانتفاع المجحف  من المال  قال تعالى:{ وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورً}  الاسراء 29.

حيث نهى القران بوضوح عن الانزلاق عن خط الاعتدال  والوسطية الى جانبي التفريط والافراط  كما بيّن إن حالة الوسطية من صفات المؤمنين  قال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا}الفرقان 67.

ومن أهم عوامل ضياع الثروة في المجتمع هي :-

 1-الترف حيث تناول القرآن هذه الحالة بالذم والتقبيح وحرمها على المجتمع لما يترتب عليها من تحطيم أركان الاقتصاد المجتمعي وحذر كل من يسلك هذا السلوك .قال تعالى:{فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَليلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَ اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فيهِ وَ كانُوا مُجْرِمينَ}هود 116. وقال تعالى: {حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُون‏}المؤمنون : 64


2-الاسراف وقد حرمه القرآن وحذر المجتمع منه لأنه يؤدي الى ضياع الجهود والطاقات المبذولةمن أجل توفير الثروة ويهدر الجهود التي صرفت من أجل الحصول عليها  قال تعالى { إِنَّ اللَّه لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِف كَذَّاب } غافر 28. وقال تعالى: {وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفين}‏ الأعراف: 131وقال تعالى:{وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفين‏}الانعام: 141.


3-التبذير هو تعريض الثروة الى الضياع من خلال انفاقها في المجالات التي لا ينبغي أن تنفق فيها، وقد حرم القرآن هذا السلوك تحريماً قاطعاً حرصا  منه على حفظ الثروةوتوظيفها في المجالات التي يحتاجها الانسان  في سد متطلبات الحياة المعقولة  قال تعالى { وَلَا تُبَذِّر تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَان الشَّيَاطِين} الاسراء (26-27).وقال تعالى : {وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتي‏ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياما} النساء :5.

كما شددت الروايات الشريفة عن النبي (ص) وأهل البيت عليهم السلام تشديداً قاطعا على عدم تضييع الثروة وانفاقها في المجالات اللاعقلانية والتي لا تمت بصله الى الاستثمار النافع فعن ابي عبدالله الصادق ع قال : ]من انفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر .ومن انفق في سبيل الله فهو متقصد [ تفسير العياشي ج2,ص288.