مقاربات قرآنية


 

قال تعالى: (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ). 
وكان هذا الأمر في بداية الدعوة وتحويلها من دعوة سرّية إلى دعوة علنيّة.
وبعد امتداد الدعوة إلى عقدين وتبليغ الرسول الأعظم  التكاليف والتشريعات الإلهية للأمة وبعد أن حان رحيله  كان يجب أن يشهر أمرًا آخر  لايَقل أهمية عن  إعلان الإسلام في بداية الدعوة وإلّا فإن الدعوة ستبقى غير مكتملة ولاتامة بعدم بيانه وإعلانه وهذا  الأمر الخفي والخطير والمهم هو ماجاء الأمر الشديد بتبليغه في قوله تعالى : (( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ )).
أما وجوه المقاربة بين الآيتين والأمرين فيظهر بما يأتي:
١. إن المخاطب في الآيتين هو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
٢. كلا الآيتين جاءتا بصيغة الأمر والتشدد فيه لأهمية الموضوع المطلوب من الرسول تبليغه.
٣. إن كل آية من الآيتين تستبطن أمرًا خفيًا يُراد من النبي أن يُظهره ويُعلنه للملأ.( اصدع ) و ( بلّغ)
٤. إن هذا الأمر  المخبوء الذي يراد الإجهار به أمر مهم وخطير ومؤثر في حركة الأمة ومستقبلها .
٥. إن إعلان هذين الأمرين يستدعي سخط مجموعة من الناس واتخاذهم طريق المواجهة ومنهج المؤامرة.( المشركين ؛ المستهزئين ؛ يعصمك من الناس).
٦. إن الله سبحانه تكفّل بحماية النبي وكفايته في الموضعين: ( إنا كفيناك المستهزئين - والله يعصمك من الناس).
٧. إن الأمرين  كليهما من الله تعالى وليس اجتهادًا من النبي صلى الله عليه وآله (  بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)
٨.  إن النتائج النهائية في صالح هذين الخطين والمسارين على الرغم من فعاليات المنافقين والطابور الخامس وأدواتهم الناعمة  فقد انتصر  الإسلام وقد أعلن القرآن ذلك في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ  وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً …….... ) ؛ وسينتصر الغدير على ضوءِ الوعد الإلهي في قوله تعالى: ( وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).

الدكتور الشيخ باسم العابدي